مراجعة كتاب: صُنع العدو: أو كيف تقتُل بضمير مرتاح؟

[???? ????: ??? ????? ?? ??? ???? ????? ??????] [???? ????: ??? ????? ?? ??? ???? ????? ??????]

مراجعة كتاب: صُنع العدو: أو كيف تقتُل بضمير مرتاح؟

By : Abdulkarim Baderkhan عبد الكريم بدرخان

ما العدو؟ هل هو معطى سياسي أم اجتماعي أم ثقافي؟ مَنْ يحدّدُه؟ وما الدور الاجتماعي والسياسي الذي يؤدّيه في المجتمعات المعاصرة؟ هل يجب على الهُوية أن تُبنى بالضرورة ضدّ "الآخر"؟

في كتابه الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، بترجمة نبيل عجان، يوضّح الباحث والأكاديمي والدبلوماسي الفرنسي بيار كونيسا أنه لا يهدف إلى تحديد طريقة مقبولة أو غير مقبولة للقتل، لكنه يرنو إلى تحليل كيفية نشوء علاقة العداوة، وكيف يُبنى الـمُتخيَّل قبل الذهاب إلى الحرب.

استـهلَّ كونيسا (وهو أستاذ في معهد العلوم السياسية) كتابه بكلام للشاعر الفرنسي هنري ميشو: "إنّ تحديد الأعداء والأصدقاء والتحقّق منهم، يشكّل آلية ضرورية قبل شنّ الحرب. ومن المنطقي أنْ نحاول فهم العجرفة الحربية التي تدفع الناس إلى أن يقتل بعضهم بعضًا بطريقة شرعية. فالحرب قبل كلّ شيء ترخيصٌ ممنوح شرعيًّا لقتل أناس لا نعرفهم، وأحياناً نعرفهم كما في الحروب الأهلية، لكنهم يتحوّلون فجأةً إلى طرائد يجب تعقّبها والقضاء عليها". ثم يستشهد كونيسا بمقولة شهيرة لـ ألسكندر أرباتوف، المستشار الدبلوماسي لـ ميخائيل غورباتشوف: "سنقدّم لكم أسوأ خدمة، سنحرمكُم من العدو". ويضيف أن صناعة العدو هي وظيفة السياسي بعينها، فالعدو هو الآخر، الشر، التهديد، ولا يمكن فصله عن الحياة. وهو يقدّم خدمات كثيرة ويعمل مهدّئًا، خصوصًا عبر المسؤولية التي يمثّلها في قلقنا الاجتماعي. ويمكن لصناعة العدو أنْ ترسّخ الأواصر الجمعية، ويمكنها أنْ تكون مخرَجًا بالنسبة إلى سلطةٍ تواجه مصاعب على الصعيد الداخلي.

يشير الباحث إلى أنه، ومنذ الثورة الفرنسية، لم يعد الملِكُ هو من يحدّد العدو، بل ينبغي تحشيد الرأي العام من أجل ذلك، وتفترِضُ صناعةُ العدوّ مراحل شتى: أيديولوجيا استراتيجية محدَّدة، خطابًا، صنّاعَ رأي نسمّيهم المحدِّدين، وأخيرًا آليات صعود نحو العنف. ويختتم بمقولة لـ نيتشه: "إنّ من يحيا على محاربة عدوّه، من مصلحته أنْ يدعه يعيش".

بعد المقدمة، يدخل كونيسا في مباحث الكتاب (الواقع في 318 صفحة) الثلاثة: أولًا؛ ما العدو؟، ثانيًا؛ وجوه العدو، ثالثًا؛ تفكيك العدو.

 

أولًا؛ ما العدو؟

في هذا المبحث يقلّب كونيسا الرؤى والتصوّرات والأفكار بحثًا عن مقاربة معقولة لماهيّة العدو وطبيعته، وللعوامل التي تساهم في نشوئه وتشكُّله وتبلْوُره. فتراهُ يستشهد بآراء لمفكّرين وفلاسفة من جهة، ويذكّر بحوادث وحروب وقعت في القرن العشرين من جهة ثانية، ثم يلقي الضوء على أهمية وجود العدو ودوره في المجتمعات المعاصرة، وبعدها يتحدّث عمَّن سمّاهم "مُحدِّدي العدو".

في الفصل المعنون بـ "العدو موضوع سياسي"، يعرض الباحث تفسيرين لنشوء ظاهرة العداوة، الأول لـ هوبز الذي يفترض أنّ الناس يتصرّفون بصورةٍ عنيفة، وأنّ التنظيم المشترك وحدَهُ يكبحهم. ويرى أنّ الإنسان قد يكون اجتماعيًّا قسرًا وليس بطبعه، وأنّ العدو بالنسبة إليه مُعطىً طبيعي. وتخلُص هذه النظرية سريعًا إلى العبارة الشهيرة: "الإنسان ذئب الإنسان"، وتعتبر أن الحالة البدائية هي حالة "حرب الجميع ضد الجميع"، وفي هذه الحالة يكون الإنسان محكومًا بغريزة البقاء فحسب. وفي مقابل هوبز، يقف روسّو الذي رفضَ المنهج الذي يجعل من الحرب النظامَ الطبيعي للمجتمع البشري، ورأى أنّ الناس لا يكونون أعداءً إلا في الوضع الظَّرْفي للحرب بين الدول التي يشاركون فيها بوصفهم جنودًا، وليس في الحالة البدائية.

ويضيف الباحث (الذي كان مديرًا للجنة الشؤون الاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية) أنّ مفكريّ الاستراتيجيا المعاصرين؛ لم يسعوا كثيرًا لمعرفة كيف يحدّد مجتمع ما أعداءه، واكتفوا بتكرار عبارة كلاوزفيتز "الحرب ليست سوى مواصلة السياسة بوسائل أخرى".

في فصل "قانون الحرب: من الأفضل ارتداء بزة عسكرية"، يشير الباحث إلى أن الحرب الحديثة نزاع بين دولتين تملكان جيوشًا نظامية، ويندمج الجندي الذي يرتدي البزة العسكرية ضمن تسلسلٍ هرمي يتلقّى فيه الأوامر من أعلى، فيصبح بذلك غير مسؤولٍ جزائيًّا عن الجرائم التي يرتكبها. ويخضع الطرفان المتحاربان إلى اتفاقيات جنيف 1949 التي تحمي الجنود وأسرى الحرب، وبالتالي يكون وضعُهم مضمونًا لممارسة القتل دون مساءلة. أما المسلّح الذي لا يرتدي بزة عسكرية، فيمكن معاملته كـ "مجرم". وهذا ما استغلَّهُ الحقوقيّون الأمريكيّون لتبرير انتهاكات السجن والتعذيب في أبو غريب وغوانتانامو، إذ قالوا: "بما أن الحرب على الإرهاب ليست حربًا على دولة، فإن الاتفاقيات لا تطبَّق على هؤلاء الناس الذين تمّ اعتقالهم في الطرف الثاني من العالم". وهكذا ابتكروا فئة قانونية جديدة غير معروفة في القانون الدولي أسموها "المحارب غير الشرعي"، وهذه الفئة لا تشملها قوانين حماية الجنود، ولا قوانين حماية المدنيين.

ويخلُص الباحث إلى أنّ قانون الحرب يمثّل حتى الآن العدالة التي يطبّقها القويّ على الضعيف.

في فصل "العدو هو أنا آخر"، يرى الباحث أن العدو جزءٌ من متخيَّل جمعي خاصّ بكل جماعة، وأنه يلبّـي حاجاتٍ اجتماعية متعددة، منها الحاجة إلى الهُوية، أي تعريف "الذات" من خلال تعريف "الآخر". والحاجة إلى توطيد الأواصر ضمن الجماعة، ويعطي مثالًا عن ذلك: " لن تتوحّد باكستان التي تمزّقها الحروب الأهلية إلا عبر العدائية للهند". وكذلك الحاجة إلى تهدئة حالات القلق الاجتماعي، مستشهدًا بقول دوركهايم: "حين يعاني المجتمع، يشعر بالحاجة إلى أنْ يجد أحدًا يمكنه أنْ يعزو إليه ألَـمَه، وينتقم منه لخيبات أمله".

في "الحرب العادلة"، يضيف أنّ المجتمعات الغربية ترمي إلى شرعنة استخدام القوة تحت مبرّر "الحرب العادلة"، أي يجب على هؤلاء الذين نهاجمهم أن يكونوا قد استحقّوا الهجوم عليهم بسبب خطيئة ما. وهذا ما كان قد بيّنه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، مدّعيًا أن صدام حسين يملك صواريخ يمكن نشرها خلال 54 دقيقة. وهذه هي الحجّة التي اتّبعها المحافظون الجُدُد لابتكار مبدأ "الحرب الاستباقية"، فمن خلال هذا المبدأ يمكن للولايات المتحدة أنْ تتخذ قرارًا أُحاديًّا بشنّ الحرب حين تتوافر شروط "الحرب العادلة"، وهي المصلحة العامة والدولة المارقة.

في فصل "الاستراتيجيون: المجمع العسكري-الثقافي"، يشير الباحث إلى التوسُّع الكبير الذي شهدته مؤسّسات التفكير الاستراتيجي في الكمّ والأهميّة، ويرى ثلاثَ عِلَلٍ لوجودها: 1) توصيف تهديد ما وفهم آلياته. 2) تبرير نظام الدفاع وتشكيل الجيوش. 3) جعل استخدام القوة شرعيًّا. وبما أنّ الحصول على تأييد الرأي العام عاملٌ أساسيّ للتعبئة من أجل الحرب، برزَ دورُ الاستراتيجيين غير الرسميين، أو مَنْ سمّاهم "الميثولوجيين"، ومهمّة هؤلاء وضع تعريف لهوية الجماعة. قد يكون هؤلاء أشخاصًا أو مجموعات، ينسبُون إلى أنفسهم الهوية الجماعية، جاعلين من خيارهم خيارَ الجماعة. إنه بناءٌ أسطوري يختلط فيه الواقع مع المتخيَّل وفق صيغ مركّبة ومختلفة، فهُم يُعيدون تدوير مواضيع تاريخية قديمة، ويصنعون منها ميثولوجيا جديدة. يخترعون "حقوقًا تاريخية" وكأن التاريخ لا يُغيّـر المعطيات باستمرار.

 

ثانيًا؛ وجوه العدو:

وبما أنّ العدو بناء وصناعة، يحاول كونيسا في المبحث الثاني وضعَ تصنيف لأنواع مختلفة من حالات العداء. مع الإشارة إلى عدم وجود نوعٍ نقيّ من بينها، إذ غالبًا ما تختلط الأنواع المختلفة في صراع واحد:

1) "العدو القريب" والمقصود به نزاعات الحدود بين الدول المتجاورة. 2) "الخصم العالمي" وهو المنافس في خصومة قوتين تعطيان لنفسيهما نزعة عالمية، كما في حالة الحرب الباردة. 3) "العدو الحميم" أي الحرب الأهلية التي تبدأ عبر الكلمات وتنتهي بالقتل الاستباقي: أنْ نقتُلَ قبل أنْ نُقتَل. والحرب الأهلية هي صراع الـ "هُم" في مواجهة الـ "نحن" في فضاء مغلق، مع العلم أن الفريقين متشابهين. 4) "العدو البربريّ" وهو الشعب المستعمَر في نظر المستعمِر. 5) "العدو المحجوب" وهو ناتج عن الإيمان بنظرية المؤامرة، والاعتقاد بوجود قوى خفيّة تحرّك الشعوب وتحدّد مصيرها. 6) "حرب الخير ضد الشر" وهي لا تقتصر على النزاعات الدينية؛ إذ هي أيضًا حرب الأنظمة الشمولية العلمانية في القرن العشرين. فالأيديولوجيات قاتلة مثل الديانات، ويصبح فيها الآخر هو الشرّ المطلق، بل هو الشيطان. 7) "العدو الـمُتصَوَّر" وهو فعل إمبريالي للقوى العظمى حين لا تجد عدوًّا يُجاريها، فتُعلن الحرب الشاملة ضدّ مفاهيم معينة، مثل الحرب ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب. 8) "العدو الإعلامي" وهو يشكّل الحالة الأحدث في الفراغ الأيديولوجي والاستراتيجي لما بعد الحرب الباردة، والتي يجتاحها الإعلام، إذ تتفوّق الصورة على النصّ.

 

ثالثًا؛ تفكيك العدوّ:

يرى الباحث أنّ العيش من دون عدوّ للدولة أمرٌ صعب، لكنه ممكن. وبما أن العدو بُنية، فمن الممكن تفكيكه. ولذلك يقترح آليات يمكن للدولة اتباعها لتفكيك عدوّها المصنوع، مثل تغيير الخطاب نحو التهدئة والدعوة إلى السلام، ومثل المصالحة التي تبدو صعبة وفعّالة في آن معًا، ومثل الخروج من حالة الخلافات الحدودية. وهنا يستشهد باتفاقية "شينغين" التي فتحت الحدود بين الدول الأوروبية، فمن خلالها زالت الخلافات الحدودية بين ألمانيا وفرنسا، إذ صارت حدود فرنسا اليوم هي مطار شارل ديغول.

أما في حالة الحروب الأهلية، فيمكن تفكيك العدو عن طريق النسيان والصفح والعدالة. بالنسبة إلى النسيان والصفح، فقد أثبتت التجارب السابقة عدم جدوى مثل هذه التدابير، لأنّ قوانين العفو العامّ تشلّ جهدَ البحث عن الحقيقة وتؤدّي إلى تناقض. إذ لا تُنسى أعمال العنف من جهة، ولا يُتّخذ أيُّ إجراء قضائي بحقّ مرتكبيها من جهة أخرى. أما بالنسبة إلى العدالة، فيعرض الكاتب نوعين من العدالة في مرحلة الخروج من الحروب الأهلية: 1) العدالة الترميمية: وهي اقتصاصية هدفها إقامة العدل، تركّز على المتّـهمين والمواجهة بين الدفاع والاتهام، تعالج هذه العدالة مسألة "العدو المذنب"، استنادًا إلى الضحايا والعلاقات فيما بينهم وبين مرتكبي الجرائم بحقهم. 2) العدالة التعويضية: وهي غير اقتصاصية، تقتصر مهمتها على الانتقال من الحرب إلى السلم، أو من نظام استبدادي إلى الديمقراطية.

وفي خاتمة الكتاب، يقول كونيسا: "سيكون صُنع العدو خلال العقود المقبلة قطاع إنتاج ضخم". ويذكّر أن بناء العدو عملية اجتماعية سياسية، ولذلك فإنّ مسؤولية النخب السياسية والثقافية لا تقلّ عن مسؤولية الأنظمة.

 

تعقيب:

ما تجدر الإشارة إليه بعد قراءة كتاب "صنع العدو"، هو سِعَة ثقافة مؤلّفه وغزارة عِلْمه، ولا يقتصر ذلك على حقل من حقول المعرفة، بل يشمل التاريخ والفلسفة والسياسية والقانون والاقتصاد والإعلام. كما يلفتُ الكتابُ النظرَ إلى موضوعيّة كاتبه الشديدة وحياده، إذ انتقد الديمقراطيات الغربية أكثر مما انتقد الأنظمة الاستبدادية، ولم يرحم ممارسات الدول الاستعمارية (بما فيها بلده فرنسا) تجاه شعوب العالم الثالث.

وفي المقابل، كرّر الباحثُ بعضَ الأفكار في أكثر من موقع، وانتقل أحيانًا من موضوع إلى آخر بشكلٍ يعوزه الترتيب. كأنْ يأتي بمثالٍ من أجل توضيح فكرة ما، فيأخذهُ السردُ إلى فكرة أخرى غير التي طرح المثال من أجلها.

يُذكر أنّ لـ كونيسا كتابان آخران في الفكر الاستراتيجي، هما "دليل الجنة" 2004، و"آليات الفوضى" 2007.

  • ALSO BY THIS AUTHOR

    • كتب: في العنصرية الثقافية، نظريات ومؤامرات وآداب

      كتب: في العنصرية الثقافية، نظريات ومؤامرات وآداب

      في العنصرية الثقافية، نظريات ومؤامرات وآداب، عبد الكريم بدرخان. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2024.

    • في الشعر السوري: الإيروس والثاناتوس والأقنعة الجنسية

      في الشعر السوري: الإيروس والثاناتوس والأقنعة الجنسية

      عندما نكتب عن الشعر السوري الجديد (وليس الحديث، فللجِدّة معيار وقتي، بينما للحداثة معايير فنية)، لا يمكننا أن نغفل أنه خطابٌ مرتبط بالموروث الثقافي العربي-الإسلامي ارتباطًا زمنيًّا (diachronic)، ومرتبط بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية لمرحلة الثورة/الحرب السورية ارتباطًا تزامنيًّا (synchronic). ومن الارتباط الأول تنشأ ثنائيات: التقليد والتجديد، التراث والحداثة، وجدالات غير مُنتِجة حول الأشكال الشعرية. ومن الارتباط الثاني تنشأ ثنائيات: الحرية والاستبداد، الحبّ والحرب، وجدالات غير مُنتِجة حول “دور المثقف”. سأبتعد عن كل ذلك، إذ لسنا بحاجة إلى المزيد من النقاشات المحكومة بمنطق الثنائيّات الإقصائي.

    • تصفية القضية السورية

      تصفية القضية السورية

      من الصعب توقُّع ما سيحدث في المستقبل، خاصةً في وضع مُعقَّد ومركَّب كما هو في سوريا، ولقد أثبتت السنوات الأخيرة كَمْ كانت توقّعات الأطراف المختلفة مستعجلةوسطحيّة. أظنّ أنّ الأمور تتّجه إلى تسوية سياسيّة تُشرف عليها الدول التي أجَّجَت الصراع وأدارتْه وأطالتْ أمدَه حتى اليوم، تتضمّن هذه التسوية –ضمناً– تصفيةالقضيّة السورية، باعتبارها قضيّة شعب طالبَ بأبسط حقوق الإنسان، وبدولةٍ فيها قدْرٌ يسيرٌ من الحرية والتعدُّدية والكرامة.

استراحة مخيّم: روايات من مخيم الرشيدية والبحر

لا نعرف الكثير حول سبب تواجد المخيمات الفلسطينية حيث هي اليوم. كما لا نعرف المسارات التي اتخذها سكانها من فلسطين إلى تلك المخيمات. كثيراً ما نظن أنّ اللاجئين، نقلوا عند وصولهم، مباشرة إلى الخيام التي أصبحت في وقت لاحق "مخيمات." انطلاقاً من أفكار حول اللجوء وسُبل كتابة تاريخ مغاير للمخيمات الفلسطينية في لبنان، عملنا في مجموعة الدكتافون على مشروع "استراحة مخيم" الذي تم تطويره بتكليف من مقر دار النمر للفن والثقافة في بيروت خلال فعاليات مهرجان قلنديا الدولي لعام 2016.

عملُنا في مجموعة الدكتافون هو مزيج من الفن الحيّ مع البحث المتعدد الحقول. يتشابك البحث والفن الحيّ منذ الفكرة الأولية للمشروع ثم أثناء تطويرها ولاحقاً في مشاركتها مع الناس. من هذا المنطلق وعلى غرار العديد من المشاريع الفنية التي تنجز مع مجتمعات محلية بدلاً من المشاغل الفنية، تكون منهجية المشروع بأهمية نتيجته.

اهتماماتنا الشخصية والفنية هي أن نبحث بأماكن مهمشة خارج مركزية العاصمة وأن نحكي عن علاقتنا وحقنا بالوصول للبحر والاستمتاع به كمكان عام مفتوح للجميع. في صيف ٢٠١٢ قدمنا مشروعاً كان عنوانه "هذا البحر لي" دعى الجمهور إلى رحلة بقارب صيد من ميناء عين المريسة الى دالية الروشة المتنازع عليها. كان المشروع عبارة عن رحلة على قارب يتوقف عند كل موقع على الشاطىء ليحكي قصته والقوانين التي ترعاه والتعديّات عليه وكيفية استعماله من قبل الناس. في عام ٢٠١٥، قدمنا مشروعاً بالاشتراك مع مجموعة شبابية وناشطة من مدينة صيدا تحت عنوان "مشي تَ دلّيك" حول علاقة سكان صيدا بالمساحات المشتركة والتغيّرات التي تطال مدينتهم من خلال التخطيطات والمشاريع التي تترك تغييراً جذرياً بالأحياء وبشكل خاص على شاطئ صيدا.

يستكمل "استراحة مخيم" اهتمامنا بالبحث في علاقة الأفراد والمجموعات بالبحر وبحيّزهم الطبيعي. المشروع هو عبارة عن تركيب فيديو قمنا بتطويره مع أربعة من سكان مخيم الرشيدية. صوّرنا مساراتهم اليومية من منازلهم باتجاه البحر حيث قادنا كل مُشارك ومُشاركة نحو المشهد الأخير ليختار مكان تواجده مع خلفية البحر. نسج هؤلاء، على طول الطريق، قصصاً عن تاريخ الأرض ووصولهم إلى المخيم وصراعهم للعمار والحياة اليومية في مخيم مفصول عن المدينة تحدّه حقول زراعية والبحر.

يُعرض هذا العمل في غرفة صغيرة حيث يجد الجمهور نفسه وسط أربع قصص تبرز كل واحدة منها على حائط في الغرفة. يبدأ التصوير في منزل كل واحد من المشاركين ثم ينتقل معهم في أزقة وشوارع المخيم حتى الوصول إلى البحر.

أملى تواجُدنا في مخيم الرشيدية في تلك الأيام المحددة نتيجة المشروع. اللقاءات التي أجريناها مع أناس مختلفين كنا قد التقيناهم عن قصد أو عن طريق الصدفة كشفت لنا فضاءات المخيم من خلال الحياة اليومية هناك. كزوار للمخيم، كان ملفتاً لنا التناقض بين انفتاح المكان على البحر والحقول الزراعية المجاورة مع مدخل المخيم الذي هو كناية عن نقطة تفتيش للجيش ونقاط المراقبة التي تضم حتى شاطئ البحر. وضّح هذا التناقض في المكان القمع الملثم والحرية الوهمية التي تعطى لسكان المخيم.

تاريخ الأرض والوصول إلى المخيم

"بحصار المخيمات، لولا البساتين كانت الناس ماتت من الجوع." هكذا يحكي سكان مخيم الرشيدية الذي يقع على الساحل اللبناني جنوب مدينة صور. مخيمٌ محاط بأراضٍ   زراعية وبساتين حمضيات، جميعها تُروى من قنوات مياه تاريخية مصدرها منطقة رأس العين.

يحتضن الموقع برك رأس العين لمياه الشفة، اثنان منها في تلة الرشيدية والتي تعد أحد أقدم العيون على الساحل اللبناني.1 كما تشكل منطقة رأس العين وتلة الرشيدية جزءاً أساسياً من "صور القديمة" التي امتدت على الساحل. سَكنها أهل صور قديماً لكثرة المياه فيها وإمكانية زراعتها، فيما تركوا صور التي نعرفها اليوم مكاناً للحكم والعبادة. يُروى أنّ اسكندر المقدوني هدم صور المبنية على تلة الرشيدية لأن الكاهن رفض إدخاله إلى المعبد. ما تبقى من صور القديمة هي قرية الرشيدية.2

خلال سنوات الانتداب الفرنسي، وهبت السلطات الفرنسية أراضٍ كثيرة في مدينة صور للوقف الكاثوليكي.3 من ضمن هذه الأراضي الموهوبة كانت أراضٍ  على تلة الرشيدية التي كانت تحوي كنيستين. هنا أنشأت السلطات الفرنسية في العام 1936 مخيماً لمئات اللاجئين الأرمن الفارين من المجازر في منطقة كيليكيا. وصول اللاجئين الأرمن تبعه بعد حوالي العقد من الزمن وصول اللاجئين الفلسطينيين. روَت لنا امرأة مسنّة من الرشيدية، أنها وصلت هي وعائلتها في البداية من شمال فلسطين إلى بلدة مارون الراس الجنوبية: "من مارون الراس رحنا على بنت جبيل ومن هونيك على البص بمدينة صور. لقانا القائم مقام. كان في قطار يوصل لهون. نطرناه. ركبنا فيه صوب سوريا. وصلنا على حما، لقينا سيارات أخدتنا على الجامع. كان في كتير فلسطينية، قعدنا ٧ أيام. جابوا سيارات وسألوا كل واحد شو بيشتغل وأخدوه على بلد يشتغل فيها. أبوي قال بده يروح على الشام. قالوله ممنوع. رحنا على حوران. رجعنا على الشام وبعدين حملنا حالنا ورجعنا على لبنان وقعدنا ببلدة تبنين لأن كان عنا قرايب فيها".

ولكن في العام 1950 أي بعد بضع سنوات من سكنهم في القرى الجنوبية - اتخذت السلطات اللبنانية قراراً بإجلاء الفلسطينيين القاطنين في القرى الجنوبية (تبنين والمنصوري والقليلة وبنت جبيل وغيرها) ونقلهم إلى مخيمات، من ضمنها مخيم أنشأته في محيط المخيم الأرمني القديم. كان عبارة عن شوادر. قام الأهالي بتثبيت الشوادر عبر بناء حيطان من طين وتراب. كانت الحمّامات مشتركة؛ حمام لكل ثمانية بيوت على بعد خمسين متراً من البيوت.

بعد مرور حوالي العقد على مجيىء الفلسطينيين، بدأ اللاجئون الأرمن بالرحيل وأخذ الفلسطينيون مكانهم". كان هناك 311 بيتاً أرمنياً، بقي منها 200 بيت. وهذا ما يُسمى اليوم بالمخيم القديم.

أما المخيم الجديد، فقامت ببنائه منظمة الأونروا في العام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في "ثكنة غورو" في بعلبك. قررت الحكومة اللبنانية إخلاء الثكنة، وتم بناء "المخيم الجديد" في الرشيدية على مقربة من "المخيم القديم". كان عبارة عن شبكة طرقات عمودية وأفقية، فيها وحدات سكنية، كل منها ذات مساحة 99 متر مربع تحتوي على ثلاث غرف وحمام وساحة. انتقل إليه سكان ثكنة غورو، بالإضافة إلى البعض الذي ترك المخيم القديم للسكن هنا. لكن الغرف كانت صغيرة والسقف منخفض جداً. مع الوقت، أغلبية العائلات هدمت هذه البيوت وعمرت بديلاً عنها.


على مر العقود، عمل جزء كبير من سكان الرشيدية في البساتين المحيطة، إمّا في الضمان الموسمي أو كعمال مياومين، واستفادوا بذلك من كثرة المياه في المنطقة. يشرح أبو حسين، أحد الأشخاص الذين عملنا معهم في هذا المشروع:
"لو ما عنّا ميّ بالمخيم ما كنا عشنا. عنا ميّ كتير ومن زمان: قنايا راس العين ونهرين وبرك. من البرك منضخ ميّ للخزان ومن الخزان للشبكة وبعدين للبيوت والأراضي الزراعية."

بعد العام 1969 وإعطاء الشرعية لوجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عمل سكان الرشيدية في أراضي الجفتلك المحيطة بالمخيم من دون دفع رسوم الضمان. كل مزارع اختار أرضاً وزرعها وباتت عرفياً تعتبر ملكاً له. فأراضي الجفتلك ذات ملكية عامة، منها أملاك لوزارة المالية ومنها للتربية وأغلبيتها ملك للجمهورية اللبنانية. لكن زراعة أراضي الجفتلك اقتصرت على الحشائش: علت، فاصوليا، خس، بقدونس، كزبرة، فجل، وغيرها. وذلك، بسبب عدم ملكيتهم لهذه الأراضي، مُنعوا من زراعة الأشجار المثمرة فيها. فبحسب قانون الملكية اللبناني، من يزرع شجرة يملكها.

اليوم، تخضع هذه الأراضي الزراعية التي يتميّز بها المخيم لتحوّلات كثيرة بسبب معركة العمار بين أهالي المخيم والسلطات اللبنانية.

\"\"

معركة العمار

بسبب قربه إلى فلسطين وموقعه على الشاطىء، لطالما حمل البحر فدائيين من الرشيدية في قوارب إلى إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية، فتعرّض المخيم لهجمات إسرائيلية عديدة، أبرزها في 1973، 1978، 1982 حيث تم تدمير 600 ملجأً ونزوح خمسة آلاف نسمة.4

بعد العام 1985، قامت الدولة اللبنانية بالسيطرة الكاملة على مداخل المخيم واقتصر دخول السكان على مدخل واحد يحرسه الجيش اللبناني. هذا الحصار يعيشه المخيم حتى اليوم، ويأخذ أشكالاً مختلفة. مُقيّد ضمن حدود واضحة والبحر، ليس بإمكان المخيم أن يتوّسع عمرانياً، إنما يحصل ذلك على حساب المساحات المشتركة، مثل ملعب كرة القدم وشاطىء البحر، وعلى حساب الأراضي الزراعية.

"أول ملعب فوتبول بالمخيم كان هون، بقلب المخيم. كان حلو لأن كنا نقعد على البرندات ونتفرج على الماتش ونشجعهم. بعدين صار المخيم يضيق علينا، وبلشت هالناس كل شوي تعمر على أرض الملعب. هلق بطل موجود. صار فيه بدل منه ثلاثة، بس كل واحد عملته منظمة. القديم ما كان محسوب على حدا. أهل المخيم هنني يللي عملوه." هكذا روَت منى، التي تسكن بالقرب من حيث كان ملعب كرة القدم الأول في المخيم. حدثتنا أيضاً عن بدء عمليات البناء في هذه الأيام على الأراضي الزراعية. "الطلب على البيوت عم يزيد، خصوصاً مع مجيء اللاجئين من سوريا. صار مربح أكثر الواحد يعمر ويأجر من أنه يزرع. شوفي حارة الكواكنة مثلاً، كانت زراعية واتعمرت. صاحب الأرض سوّرها من شي عشر سنين (وضع يد يعني) وصار يزرعها. من خمس سنين صار يعمّر فيها. يعمل غرف ويأجر للمهجرين السوريين. هو بالأساس عمّر الغرفتين استراحة. بس ما مشي حاله. أجرهم بعدين سكن. وكمان صار يبيع شقف أرض والناس تعمر." منى وغيرها كثر أيضاً حكوا عن شاطىء الرشيدية.

تعرّض شاطىء صور ومن ضمنه شاطئ الرشيدية الى عملية شفط الرمول خلال الحرب الأهلية. عرّض هذا البيوت المواجهة للبحر الى خطر الهدم والتلف بسبب الأمواج. يواجه سكان المخيم هذه المشكلة من خلال بناء جدار بين البيوت والواجهة البحرية باستخدام الردميات الناتجة عن عمليات حفر الطرقات. بالرغم من قباحتها، فهي حل مناسب لأنها لا تكلّفهم شيئاً سوى نقلها. سكان الواجهة الأمامية في معظم الأحيان هم الأفقر في المخيم. اختاروا السكن على الشاطىء لتدنّي سعر الأراضي فيه. روى لنا صاحب استراحة على البحر: "أهلي دوّروا على الرخص مش على البحر." كما شرح أن جزء كبير من بحر الرشيدية الآن عبارة عن ردميات مكدسة على طول الشاطىء، بالإضافة إلى نفايات يتم إلقاؤها في قنوات المياه التي تصب في البحر، ليعود الموج ويلقيها على الشاطىء. الأونروا لا تقوم بتنظيف الشاطىء. يقتصر عملها على تجميع النفايات من الحاويات الموّزعة في الأحياء، لترميها لاحقاً في المكب المتواجد على أطراف المخيم. يتم نقلها فيما بعد الى مكب في بلدة قانا، وذلك بعد أن تمّ إغلاق مكب راس العين الغير صحي والموازي للبحر في العام 2015.

معركة العمار أيضاً تعقدت بقرار الدولة اللبنانية منع إدخال مواد البناء إلى المخيم من دون الحصول على تصريح، مما يأخذ وقتاً طويلاً وفي معظم الأحيان لا يُمنح. يصف سكان المخيم. هذا المنع على أنّه تواطؤ بين المنظمات الفلسطينية وبين السلطات اللبنانية التي تعطي تراخيصاً فقط للنافذين في المخيم الذين بدورهم يبيعونه للسكان بأسعار مضاعفة. معركة العمار تطال مخيمات الجنوب كلها. آخرها كان خبر إصابة شخصين أحدهما شرطي في بلدية صور والآخر فلسطيني من سكان مخيم البصّ، على خلفية محاولة إدخال مواد بناء إلى المخيم من دون تصريح.

هذه الحكايات بالإضافة للكثير غيرها كان قد عبّر عنها المشاركون الأربعة في مشروع "استراحة مخيم." أردنا العمل على مادة بحثية تساهم بصياغة خطاب مختلف عن المخيمات الفلسطينية في لبنان.

المشاريع المجتمعية

المشاريع المجتمعية ليست ببسيطة. السياسات الأخلاقية للمشروع تكون من خلالها على المحك. كيف يمكننا أن نخلق فناً مع المجتمع المحلي وليس فقط عنه؟ كيف يمكننا تمثيل الناس بالطريقة التي هم يريدون أن يتم تمثيلهم بها مع الحفاظ على فكرة العمل الفني؟ هذه الأسئلة تصبح ملحة أكثر حين نتعامل مع مجتمع مهمش أرادت دولتنا أن تعطينا امتيازات عليه.

العمل مع مجتمع محليّ يعني أن نسمح للقاءات أن تحدث وللعمل الفني أن يتغيّر وللجدول الزمنيّ أن يتم تحويله وللقصص أن تُكتشف من خلال اكتشافنا للمكان. على سبيل المثال، كانت فكرتنا الفنية أن ندعو كل شخصية مشاركة في المشروع إلى أن تصمم المشهد الأخير في الفيديو وتختار خلفيتها مع البحر. في الواقع، لم يتجاوب أحد مع هذا الاقتراح لأسباب عديدة كإرادة الابتعاد عن النظرة الرومانسية للبحر والقرب الجغرافي من فلسطين.

العمل مع مجتمع محلي يعني أيضاً أن نبحث عن الأسباب الشخصية والسياسية وراء تقاسم هذه الحكايا معنا واحترام هذه الأسباب مع إبقاء مسافة نقدية في تعاطينا معها. تقول إحدى الشخصيات المشاركة إنّ غرضها من مشاركة الناس لقصة وصولها إلى المخيم وللعنف الذي كانت عائلتها ضحيته خلال حرب المخيمات مع أحزاب لبنانية أنّ على الفلسطينيين أن يروا قصصهم كي لا تموت معهم.

مثل العديد من مشاريع مجموعة الدكتافون، وجدنا أنّ سرد تاريخ المساحات هو مفتاح لفهم الحالة الراهنة للأمور. روايات الفلسطينيين الذين هُجروا إلى لبنان في عام 1948 تكشف عن وجود نقص في التنظيم من قبل الدولة اللبنانية التي نشهده حالياً مع اللاجئين السوريين الذين يصلون بأعداد كبيرة منذ عام 2011. تروي أم خليل وصولها إلى سوريا بعد أن توقفت مع عائلتها في لبنان وبالتالي أجبرتهم السلطات السورية العودة إلى لبنان إذ كان هو أول ميناء لوصولهم. اليوم تُعرف هذه الممارسة باسم «قانون دابلن» الذي ينص على ترحيل اللاجئين إلى أول ميناء حيث تم تسجيلهم في أوروبا بغض النظر عمّا يفضلون أو يخططون له.

نذكر من خلال هذا المشروع أن تجاهل آلام وخيارات الناس والعنصرية المتعمدة وشيطنة اللاجئين في القرى والمدن اللبنانية، والدعوات لتجميعهم في مخيمات يتم السيطرة عليها بسهولة وبالتالي الهجوم عليها بسهولة، ليس بشيء جديد. في حين أن العالم كله مشغول بمناقشة ما يسمونه أزمة اللاجئين، نأمل أن نتذكر أهمية الاستماع إلى أولئك الذين هم بأنفسهم في قلب هذه الأزمة. كما ونأمل أن نتذكر أن ترك الناس في طي النسيان مع موارد وحقوق قليلة ليس حلاً بل عدم وجود
أي حل.

 

لقراءة هذا المقال باللغة الانجليزية، اضغط/ي هنا


بحث وإدارة فنيّة وكتابة المقال: تانيا الخوري وعبير سقسوق
كاميرا: كرم غصين
مونتاج: علي بيضون
تصميم صوت: مجد الحموي
المشاركون: حسين الزيني وخديجة المصري وحسن عجاوي وزهراء فاعور

مصادر البحث
1 من تقرير عن برك رأس العين من إعداد "الجنوبيون الخضر"
2 جميع المعلومات عن صور القديمة استندت الى مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
3 من مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
4 Rebacco Roberts, Palestinians in Lebanon: Refugees Living with Long-Term Displacement, Journal of Refugee Studies (2011)24 (2): 416-417

- مقابلات مع سكان من مخيم الرشيدية
- صوَر جويّة وخرائط
- إفادات عقارية من الدوائر العقارية في مدينة صور
- مقابلات مع المهندس نصر شرف الدين والمهندس والباحث اسماعيل الشيخ حسن والمهندسة والباحثة لينا أبو رسلان
- تقرير الأونروا عن مخيم الرشيدية